سفير عُمان بالقاهرة يوضح رؤية السلطنة للعديد من القضايا

أكد سفير سلطنة عمان بالقاهرة عبد الله بن ناصر الرحبي، حرص بلاده على دعم السلام والاستقرار في العالم، وإقامة العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل مع جميع دول العالم.

وقال الرحبي في حوار مع وكالة “سبوتنيك”، إن العلاقات التي تجمع السلطنة بروسيا الاتحادية جيدة وفي إطار الزيارات المتبادلة فإن موضوع الاستثمارات وتعظيم التجارة والتبادل التجاري تسير بشكل أفضل وسوف تشهد خلال الفترات القادمة تطوراً في إطار خطة سلطنة عمان 2040.

كما لفت إلى التلاقي بين دور القاهرة وسلطنة عمان في السعي لدعم الاستقرار والسلام في العالم، معربا عن أمله في أن يستمع الجميع لصوت العقل وحل الخلافات عبر طاولة الحوار.

إلى نص الحوار…

بداية سعادة السفير ما هي أبرز مجالات التعاون بين السلطنة والقاهرة وحجم التبادل بين البلدين؟

تعود العلاقات بين عمان ومصر لعقود طويلة وممتدة، حيث تشير الوثائق إلى أن عمر هذه العلاقات يعود لنحو 3500 عام، حينما كانت السفن المصرية تقوم بجلب “اللبان”، لحرقه في المعابد الفرعونية المصرية من جنوب عمان وبالتحديد في “ظفار” التي كانت تنتج أفضل أنواع اللبان.
ضمن المحطات التاريخية أيضا زيارة الملكة حتشبسوت “بلاد البونط” وهي عمانن، كما كان موقف السلطنة أثناء الحملة الفرنسية على مصر هاما ، حين كانت عمان هي سيدة البحار في ذلك الوقت، وكانت تتحكم في مرور السفن التجارية، فيما سعت فرنسا لعقد اتفاقية للتعاون مع عمان حينها، لكن الأخيرة احتجت على الحملة الفرنسية على مصر وأوقفت الاتفاقية إثر رفض عمان.
وفي العام 1940 زار جلالة السلطان سعيد بن تيمور مصر والتقى بالملك فاروق وزار القدس وهي ضمن محطات العلاقات الثنائية المستمرة، ومنها أيضا أن الكتاب في السلطنة كانوا يكتبون في الصحف المصرية مثل جريدة الأهرام قبل سنوات طويلة، ما يؤكد عمق العلاقة ومحطاتها المتعددة.
أما العلاقات الحديثة ففي العام 1970 حين تولى جلالة السلطان قابوس، رحمه الله، السلطة كانت مصر ضمن محطاته الأولى، وبدأت العلاقة الدبلوماسية بين البلدين عام أكتوبر 1972، كما أذكر أنه خلال اتفاقية “كامب ديفيد” قاطع العرب مصر وحرصت عمان على عدم قطع العلاقة، كما كانت عودة مصر لمحيطها العربي أيضا بدعم عماني وعودة جامعة الدول العربية.
هناك مواقف تاريخية أيضا بين البلدين منها ما قام به السلطان قابوس خلال حرب أكتوبر، حيث اقتطع ربع راتب موظفي الدولة للتبرع في مجهودات الحرب.
أما الوقت الراهن، فإن العلاقات تمر بمرحلة متميزة، خاصة أن الزيارة الأخيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لعمان خلال العام الجاري بدعوة كريمة من جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله، وقعت خلالها العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، وقد تشرفت بأن أحكون ضمن الوفد.
أما حجم التبادل التجاري بين البلدين فإنه لا يرقى لمستوى العلاقات الكبيرة، لكن يجب الإشارة إلى أن خطة 2040 التي تهدف لتنويع مصادر الدخل القومي تضمنت تطوير وتكثيف الجهود لتعزيز التبادل والوصول به لأرقام هامة،وفي هذا الإطار عقدنا لقاءات عدة مع رجال الأعمال المصريين للاستثمار في العديد من المجالات في مصر، منها السياحة والمعادن والزراعة والأمن الغذائي، كما أدعو الأصدقاء في روسيا لاكتشاف عمان، خاصة في ظل التسهيلات كبيرة وفرتها السلطنة مؤخرا.
كما نظمنا ندوة لاكتشاف عمان وشرحنا ما تتميز به من مناخ متنوع بدرجات متفاوتة، وأماكن سياحية جاذبة منها الجبل الأخضر، والعديد من المدن التي تتميز بدرجات حرارة مناسبة.

كيف ترى دور القاهرة الحالي في ظل الأزمات المتعددة في المنطقة؟

في الحقيقة نحن نعول على مصر كثيرا كأمة عربية، خاصة أنها أرست دعائم السلام ، كما اسهمت في استقرار الأمة العربية، وضحت في فترات تاريخية من أجل نيل الشعب الفلسطيني حقه، وتعد مصر القاطرة العربية المهمة، ونحن في عمان نؤمن بأن قوة مصر يعزز الأمن والاستقرار.
أيضا ييمكن القول أن مصر وعمان تتشابهان في عناصر مهمة من الناحية السياسية، فكلا البلدين يؤمنان بأهمية الحوار في حل الخلافات، وعدم التدخل في شؤون الآخر وعدم قبول هذا التدخل، كما يدعمان السلام والاستقرار، وأعتقد أن هذه القواسم تعزز الإيمان بدور مصر التي بدأت تستعيد دورها الحيوي والعربي، كما أننا نراقب من خلال عمل الجامعة العربية واهتمامها أن تقوم بهذا الدور إيمانا منها بضرورة التكاتف من أجل مصلحة المنطقة والسلام والاستقرار، وليس ضد الآخر.

تسعى السلطنة في الوقت الراهن للتعريف بتراثها ومكانتها السياحية… ما أبرز هذه الجهود وما أبرز ما تمتلكه السلطنة من مواقع أثرية وتراث؟

بالفعل هذا صحيح حيث تبذل عمان محالات منذ فترة في هذا الإطار، وأتجلى ذلك في تأسيس وزارة للتراث والثقافة، والتي تحطى بأولوية في ظل قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق في عمان تنمية متجددة وانطلاق رؤية 2040، كما أننا وجدنا أن السياحة تسهم بنسبة 5% وإلى سنة 2040 تسهم بنسبة 10 % من الدخل القومي، وهو ما يؤكد أهمية هذا القطاع.
وبناء على المعطيات السابقة وضعت الحكومة السياحة في مكانها الصحيح، خاصة أن رمزية السياحة مع الثقافة هو مؤشر هام على الدور الذي تلعبه السياحة في تعزيز الثقافة،
أيضا يجب الإشارة إلى أن عمان غنية بالعديد من المواقع الأثرية المسجلة لدى منظمة اليونسكو، فضلا عن أنها من أقدم الكيانات البشرية في الجزيرة العربية، ولعبت دورا مهما في التاريخ العربي، وهو ما يمنحها مكانة مهمة في عمليات الجذب السياحي.
وإلى جانب العناصر االسابقة، هناك عوامل أخرى تتمثل في المناخ والموقع الجغرافي وخصوصية الإنسان العماني الذي يتميز بكرم الضيافة وقبول الآخر عبر التاريخ، فنحن نؤمن بالتسامح والسلام ، وهي من ابسمات التي تتميز بها شخصية المواطن العماني على مر التاريخ.

هل يمكن أن تصبح السلطنة وجهة سياحية كبيرة خلال السنوات المقبلة وما التحديات التي حالت دون ذلك في الماضي؟

في الحقيقة أن عمان تسعى لتكون السياحة من العناصر المهمة في الدخل القومي العماني، وفي ظل الإمكانات التي تتوفر عليها السلطنة، فإنها بدأت بجذب العديد من السائحين، في ظل خطة التنمية التي دفعت بالعديد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب، منها إعطاء الأراضي بفترة سماح 12 سنة، كما فتحت المجال للتأشيرة لأكثر من مئة دولة، منها مصر وروسيا، كما بدأت الترويج للسياحة على نطاق واسع، وشجعت الاستثمار في مجال السياحة وهذا ما يؤهلها أن تكون من أهم الوجهات السياحية في المنطقة.
في السابق كانت السلطنة تحرص لتكون السياحة مقتصرة على النخبة، ولم ترد فتح الباب على مصراعيه، لذلك كانت السياحة نوعية إلى حد ما، فضلا عن الشروط والمتطلبات التي كانت تحتاجها السياحة بأعداد كبيرة من بنى تحتية وغرف مجهزة، ولكن منذ ما يقرب من عشرة سنوات بدأت السلطنة في إعداد هذه البنى التحتية بشكل جيد حيث يتوفر اليوم العديد من الفنادق ذات الفئات المعروفة عالمياً وتعتد من أفضل وأجود الفنادق والنزل.
ونتوقع أن تكون عمان محطة سياحية مهمة نظرا لما تتمتع به من مناخ وجغرافيا وتاريخ ومناطق هامة.

كيف تقيم العلاقات بين روسيا وسلطنة عمان، وأبرز مجالات التعاون؟

في الواقع أن العلاقات بين البلدين جيدة منذ البداية، وفي وقتنا الحاضر هناك خطوات للإعفاء من التأشيرات بين البلدين، حيث جرى التوقيع عليها وننتظر المصادقة النهائية، كما نتوقع خلال الفترة المقبلة انطلاقة نوعية ومميزة. كما أؤكد أيضا أن علاقة السلطنة مع جميع دول العالم مبنية على الاحترام والتقدير.
ضمن محطات تعزيز هذه العلاقة أيضا كانت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا العام ولقاءه بجلال السلطان ومسؤولين في عمان، والتي تدفع بالعلاقات للأمام من حيث التعاون التجاري والاقتصادي ومجالات أخرى بين البلدين.
أما على المستوى السياحي فإنه من المتوقع أن ترتفع أعداد السياح الروس إلى السلطنة خاصة بعد تراجع جائحة كورونا وعودة الطيران الذي توقف في وقت سابق بسبب جائحة كورونا.

في ظل المتغيرات الحالية في المنطقة… ما هي الجهود التي تقوم بها السلطنة لاسيما بشأن الوساطة بين السعودية وإيران وكذلك القضايا العربية الأخرى المشتعلة؟

تؤمن عمان منذ التاريخ المبكر بأهمية حل الخلافات عبر طاولة الحوار، فهي لا تؤمن بصوت البندقية والمدفع، ولا توجد أمة على مدار التاريخ تصارعت وحاولت حل قضاياها بالسلاح إلا وتلاشت.
نحن نؤمن أن الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية هو الخيار الأمثل، وينبغي على المجتمع الدولي أن يلعب دوراً لتعظيم ذلك.
كما يجب الانتباه إلى أن عمان تقع في منطقة ليست سهلة، ولكن بفضل سياستها فإنها تنأى عن الدخول في أي نزاعات مسلحة، ولن نتخلف عن القيام بأي دور انطلاقا من إيماننا بضرورة السلام.

هل ترى أن مواقف الدول العربية بما فيها سلطنة عمان تتسم بالحياد الإيجابي بشأن الأزمة بين الغرب وروسيا… وما أسباب هذا الدور؟

عمان عضو في جامعة الدول العربية، وحينما تم التطرق لهذا الأمر في جامعة الدول العربية والتزمت ضمن جامعة الدول العربية الحياد في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وحينما أتى الأصدقاء الأوروبيون في اجتماع تشاوري كان موقفنا واحد هو نفسه، خاصة أننا تربطنا علاقات مع روسيا ومع الغرب، وبالتالي لم ننحاز لطرف من الأطراف.
ونحن نعتقد أن بعض الأطراف لا تسعى لحل هذا الخلاف عبر الحوار، هناك دفع نحو استمرار الأزمة، وإننا نأسف لهذا الأمر، خاصة أن البشرية تعاني من التداعيات.
كما نأمل أن يستمع الجميع لصوت العقل، وأن يلعب المجتمع الدولي دوره لحل الأزمة التي طالت تأثيراتها جميع الدول.

بشأن القمة العربية المرتقبة وفي ظل ظروف أوضاع معقدة على المستوى العربي والإقليمي… ما المأمول من هذه القمة حسب وجهة نظرك؟

القمة العربية تأخرت لأسباب كثيرة من ضمنها جائحة كورونا، وعملت الجزائر على أن تخرج القمة بنتائج جيدة، ولدينا حرص أيضا على نجاح هذه القمة، فضلا عن الشعور العربي بضرورة التقارب بقدر أكبر، والنظر لعناصر أساسية في مقدمتها الاستفادة من التجارب التي يعيشها العالم الآن، والتقارب بشكل أكبر وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار من خلال القمة، والانحياز لمتطلبات الشعوب.
وفي الحقيقة تعمل الجزائر بكل ومتواصل داخل الجامعة العربية من أجل نجاح القمة والخروج بنتائج مهمة ترضي شعوبنا.

المصدر: وكالة سبوتنيك

لا يفوتك