القاهرة – صحيفة رصد
نظَّمت سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة ندوة مميزة بعنوان “يزيد بن حاتم المهلبـي الأزدي (العُماني) واليًا عباسيًا على مصر”، وذلك احتفاءً بأحد أبرز الشخصيات العمانية التاريخية التي أسهمت في تشكيل المشهد السياسي والإداري في العصور الإسلامية. كما استضافت السفارة الملتقى العشرين لمجموعة طلبة الدراسات العليا العُمانيين الخريجين والدارسين في الجامعات المصرية، مما يعكس التزام السلطنة بدعم الطلاب وتعزيز التعاون الثقافي والعلمي مع مصر.
يزيد بن حاتم: شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي
يُعَدُّ يزيد بن حاتم المهلبـي الأزدي أحد الشخصيات العمانية التي تركت بصمة عميقة في التاريخ الإسلامي. وُلد يزيد في بيتٍ عُرف بالنبل والشجاعة، فهو حفيد المهلب بن أبي صفرة الأزدي، القائد العسكري الشهير. تقلَّد يزيد مناصب قيادية خلال العصر العباسي، حيث عيَّنه الخليفة أبو جعفر المنصور واليًا على مصر سنة 144هـ (761م). استمرت ولايته على مصر سبع سنوات، تمكَّن خلالها من تعزيز الأمن والاستقرار، وإدارة شؤون الخراج بمهارة وحنكة.
لم تتوقف مسيرته عند حدود مصر، فقد أسندت إليه ولاية إفريقية والمغرب، حيث أظهر كفاءته العسكرية والإدارية في مواجهة التحديات، مثل قمع التمردات المحلية ومواجهة القبائل البربرية. يُقال عنه إنه كان شجاعًا لا يُشق له غبار، كريمًا معطاءً، ومثالاً للعدالة وحسن الإدارة، وقد وثّقت سيرته العديد من المصادر، أبرزها كتاب “سير أعلام النبلاء” للحافظ الذهبي.
إنجازات يزيد بن حاتم في مصر والمغرب
خلال فترة حكمه، استطاع يزيد بن حاتم أن:
1. تعزيز الأمن الداخلي: قمع الحركات المتمردة وأعاد الاستقرار لمصر والمغرب.
2. إدارة الخراج بكفاءة: عيّن معاوية بن مروان لإدارة شؤون الخراج، ما ساهم في زيادة الموارد المالية للدولة العباسية.
3. توطيد العلاقات مع القبائل المحلية: استخدم أسلوب الحوار والحكمة في التعامل مع القبائل البربرية، مما أدى إلى تهدئة الأوضاع في شمال إفريقيا.
كان يزيد نموذجًا للحاكم العادل، فذاع صيته بين الناس، حتى قيل فيه:
“لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به
حتى لقيت يزيدًا عصمة الناس”
الندوة والملتقى: رؤية ثقافية وعلمية
شهدت الندوة حضور شخصيات بارزة من الجانبين العماني والمصري، من بينهم الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري، الرئيس التنفيذي لشركة (AJLO)، الذي أشاد بالدور التاريخي الذي لعبه العمانيون في نشر الحضارة والثقافة الإسلامية في العالم.
تناولت الندوة بستعراض منجزات لمسيرة يزيد بن حاتم، سلطت الضوء على إنجازاته السياسية والعسكرية، ودوره في الحفاظ على استقرار الأقاليم التي تولى حكمها. كما ناقشت أهمية البحث التاريخي في تعزيز الهوية الثقافية وربط الأجيال الحالية بماضيها العريق.
أما الملتقى العلمي، فقد جمع نخبة من الطلاب العُمانيين الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات المصرية، حيث تم استعراض أبحاثهم وإنجازاتهم الأكاديمية، مع التركيز على تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين.
العلاقات العُمانية المصرية: إرث من التعاون
وقال دكتور أحمد بن سعيد الجهوري أن هذه الفعاليات تُجسّد العلاقات التاريخية العريقة بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، والتي تقوم على أسس متينة من التعاون الثقافي والعلمي. ويأتي تنظيم هذه الفعاليات تأكيدًا على دور السفارة العُمانية في تعزيز التفاهم المتبادل وإبراز التاريخ المشترك.
إن الاحتفاء بشخصيات مثل يزيد بن حاتم المهلبـي يعكس الاعتزاز بالموروث التاريخي العُماني، كما يبرز مدى تفاعل عمان مع العالم الإسلامي في مختلف الحقب الزمنية، ودورها البارز في تشكيل الحضارة الإسلامية.